القُرآنُ الكريمُ هو حبْلُ اللهِ المَتينُ؛ مَن قَرأَه أو حَفِظَه، وعمِلَ بما فيها بِنِيَّةٍ صادقةٍ وقلْبٍ مُتيقِّنٍ، وجعَلَه إمامًا له؛ فإنَّ له جزاءً عظيمًا وخُصوصيةً عندَ اللهِ سُبحانَه وتعالى.
وفي الحديث يخبر أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله أهلين من الناس"، أي: أهلا من الناس هم أولياؤه وأحبابه؛ فأهلين هم الأهل، جمع بالواو والنون على غير قياس، وجمعه هنا إشارة إلى كثرتهم، فقال الصحابة رضي الله عنهم: "يا رسول الله، من هم؟" فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم أهل القرآن"، أي: حفظة القرآن العاملون به، الذين يتلونه آناء الليل وأطراف النهار.
ومن أجل فهم أفضل لمعنى هذه العبارة وأهميتها، يجب أن نفهم أولاً أهمية القرآن في الإسلام. فالقرآن هو كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الهدى والنور الذي يرشد المؤمنين إلى الطريق الصحيح والسليم. ولذلك، فإن الأشخاص الذين يتعلمون القرآن ويتدبرونه ويسعون لتطبيق تعاليمه في حياتهم هم من الناس المحبوبين لدى الله سبحانه وتعالى، والذين ينالون رضاه ومغفرته ومنزلته العالية في الدنيا والآخرة. تشير العديد من الأحاديث النبوية إلى فضل القرآن وأهله، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين"، وقال أيضًا: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
ما معنى اهل القران هم اهل الله وخاصته؟
يتسائل البعض عن مقولة "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته"، والتي تعني أن الأشخاص الذين يتدبرون القرآن ويعملون بتعاليمه هم من الناس الذين ينالون رضا الله ويحظون بمحبته ومواهبه الخاصة, و تأتي هذه العبارة من بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى يحب القرآن وأهله، ويعظم لهم ويوفر لهم العون والنصر.
فقد روى ابن ماجة (215) وأحمد (11870) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ ) قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ : ( هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" . قال المناوي رحمه الله : " أي حفظة القرآن العاملون به هم أولياء الله المختصون به اختصاص أهل الإنسان به ، سموا بذلك تعظيما لهم كما يقال : "بيت الله" .
قال الحكيم الترمذي : وإنما يكون هذا في قارئ انتفى عنه جور قلبه وذهبت جناية نفسه ، وليس من أهله إلا من تطهر من الذنوب ظاهرا وباطنا ، وتزين بالطاعة ، فعندها يكون من أهل الله " انتهى باختصار . "فيض القدير" (3 / 87)
ينبغي الإشارة إلى أن القرآن هو كلام الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو الهدى والنور الذي يرشد المؤمنين إلى الطريق الصحيح والسليم. ولذلك، فإن الأشخاص الذين يتعلمون القرآن ويتدبرونه ويسعون لتطبيق تعاليمه في حياتهم هم من الناس المحبوبين لدى الله سبحانه وتعالى، والذين ينالون رضاه ومغفرته ومنزلته العالية في الدنيا والآخرة.
ومن المهم أيضًا الإشارة إلى أن الحفاظ على القرآن ونشره وتعليمه للآخرين هو من الأعمال الصالحة التي ترفع درجات المؤمنين، فالقرآن هو كنز من كنوز الله تعالى، ولذلك ينبغي علينا جميعًا السعي والعمل لنشره وتعليمه وفهمه بشكل صحيح، والعمل بما يحتويه من تعاليم وأسس ومبادئ، لنكون من أهل القرآن الذين ينالون رضا الله ومحبته ونصره.
الإسلام يعتبر القرآن كتاب الله الذي يحتوي على كلامه الوحي، وهو الهدى للناس والنور الذي يضيء الدروب. ومن أعظم فضائل القرآن أنه يوجه المؤمنين إلى الطريق الصحيح، ويحثهم على العمل الصالح والابتعاد عن الشر والمعاصي، ويعلمهم كيفية التعامل الحسن مع الآخرين، وكيفية التقرب إلى الله بالعبادة والتقوى.
ما هي صفات أهل القرآن؟
فعندما نقول "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" فإننا نعني أن الأشخاص الذين يتدبرون القرآن ويطبقون تعاليمه في حياتهم هم الذين يعملون بما يحبه الله ويرضاه، وينالون منه المحبة والرحمة والمغفرة. وتشير بعض الأحاديث النبوية إلى أن الله يحب القرآن وأهله، وأنه يمنح الأجر العظيم للأشخاص الذين يعملون بتعاليمه. ومن أجل أن نصبح من أهل القرآن الذين ينالون رضا الله ومحبته، علينا بتلاوة القرآن وتدبره بشكل صحيح، والتزام تعاليمه في حياتنا اليومية، والعمل بما يوجهنا إليه من أخلاق وقيم ومبادئ، والنشر منه وتعليمه للآخرين، والدعوة إلى الخير والإصلاح بناءً على ما يحتويه من تعاليم ومواعظ وحكم. ومن خلال ذلك، سنصبح من أهل الله وخاصته، الذين ينالون منه العون والنصر والرحمة في الدنيا والآخرة.
و ينبغي لمن أنعم الله عليه بمعرفة القرآن وفضله على غيره، ويرغب في أن يكون من أهل الله وأهل القرآن، أن يجعل القرآن ربيعاً لقلبه، ويستخدمه لإصلاح ما خرب من قلبه، ويتأدب بآدابه، ويتخلق بأخلاق شريفة تميزه عن سائر الناس، حتى وإن لم يكن يقرأ القرآن بانتظام. وعلى هذا الشخص أن يتقي الله في السر والعلانية، ويتورع في مطعمه ومشربه وملبسه ومسكنه.
كما يحذر أهله على دينه، ويسعى جاهداً لإصلاح ما فسد من أمره. وينبغي له أن يكون باسط الوجه وطيب الكلام، وأن يجتنب الغيبة والإساءة والتشمت بالآخرين، وأن يحرص على حسن الأخلاق والتصرف بالحكمة والمروءة. وينبغي له أن يتبع واجبات القرآن والسنة في جميع جوانب حياته، كالأكل والشرب والنوم والتعامل مع الآخرين، وأن يكون متعلماً ومتواضعاً، متجنباً الغرور والتكبر. وإذا درس القرآن فليكن هدفه الرئيسي هو اتباع ما أمر به الله والابتعاد عما نهى عنه، وليس مجرد انتهاء السورة. فمن يتبع هذه الصفات أو يقترب منها، فقد تلاه حق تلاوته ورعاه حق رعايته، وسيجد القرآن شاهداً وشفيعاً وأنيساً وحرزاً، وستنعم هذه الشخصية بالخير في الدنيا والآخرة، وستعود على والديه وأولاده بالنفع والبر.
بالإضافة إلى ما ذكرته سابقًا، فإن أهل القرآن يتميزون بصفات عديدة، منها:
- التواضع: فهم يفهمون أنهم بشرٌ وأن القرآن هو كلام الله، ولذلك فإنهم يتعاملون معه بتواضع واحترام.
- اليقين والثقة بالله: فهم يؤمنون بأن الله يعوِّضهم عن كل ما يفقدونه من أجل تعلم القرآن وتدبره، وأن الله سيكافئهم على كل خير يقدمونه.
- الإخلاص: فهم يعملون بتعاليم القرآن من أجل رضا الله وليس من أجل الشهرة أو الثناء، وهذا يعني أنهم يعملون بإخلاص وصدق.
- الصبر: فهم يدركون أن تعلم القرآن ليس بالأمر السهل، وأنه يتطلب صبرًا واجتهادًا وتحديًا.
- العدل: فهم يتعاملون مع الناس بالعدل والإنصاف، ويحرصون على تطبيق تعاليم القرآن في حياتهم اليومية.
- العلم: فهم يسعون دائمًا للتعلم والتحسُّن، ويحرصون على التعلم من العلماء المتخصصين والمتميزين في القرآن.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن أهل القرآن يتمتعون بالعديد من الفوائد والبركات، حيث إن تدبر القرآن يساعد على تقوية الإيمان وتنمية الروحانية والقرب من الله. كما أن تلاوة القرآن تعمل على تطهير النفس وتهدئة الأعصاب وتعزيز الصحة النفسية.
ما هي منزلة حافظ القرآن؟
"أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" تعبر عن درجة عالية من التقوى والإيمان، وأنها تعكس العلاقة القوية التي يجب أن تكون بين الإنسان وكتاب الله. فالقرآن هو الرسالة الأساسية التي أرسلها الله إلى البشرية، وهو الكتاب الذي يحتوي على كل الحقائق الأساسية التي يجب على الإنسان معرفتها واتباعها للحصول على السعادة الدائمة في الدنيا والآخرة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ القرآن وعمل بما فيه، أُلبس والداه تاجًا يوم القيامة، ضوؤه أحسنُ من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا؟»
حافظ القرآن يتمتع بأجر عظيم عند الله، حيث يكون القرآن شفيعاً له يوم القيامة، ويُرفع منزلته ودرجته في الجنة، ويكون مع الملائكة السفرة الكرام البررة. كما يؤثر حفظ القرآن إيجابياً على حياة الحافظ ويمتد تأثيره إلى الآخرة، ويُلبس والداه تاجاً يوم القيامة تكريماً لهما على تربيته، ويُشفع القرآن لصاحبه ويُحفظه من النار.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي رب، منعته الطعام والشهوات بالنهار، فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعته النوم بالليل، فشفِّعني فيه، قال: فيشفعان» وبسبب فضل حفظ القرآن، يُعطى حافظ القرآن أحقية الإمامة في الصلاة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله".
من فضائل أهل القرآن
فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط" أي العادل [رواه أبو داود وحسنه الألباني]
ومن الفوائد الروحية التي يحصل عليها أهل القرآن، هي تعزيز الإيمان والتقوى، وتحسين العلاقة بالله، وتحقيق السكينة والطمأنينة النفسية. كما أن تدبر القرآن يعمل على تحسين الأخلاق والسلوك الإنساني، ويعزز الوعي والثقافة الدينية.
ومن الفوائد العلمية التي يحصل عليها أهل القرآن، هي الحصول على معرفة واسعة بالدين الإسلامي وتعاليمه، وتطوير القدرات العقلية والذهنية، وتحسين القدرة على تفسير النصوص وفهمها بشكل أفضل. وكما أن تعلم القرآن يعمل على تطوير اللغة العربية والإلمام بالنحو والصرف والبلاغة.
ولا يقتصر تعلم القرآن على الأفراد فقط، بل يمكن أيضًا أن يعمل على تطوير المجتمعات وتحقيق السلام والاستقرار الاجتماعي. فتعلم القرآن يعمل على تعزيز القيم الإسلامية في المجتمع وتحسين العلاقات الاجتماعية بين الأفراد، ويعمل على تحقيق العدالة والتسامح والتعاون والتضامن.
وفي النهاية، يمكن القول إن أهل القرآن هم الأشخاص الذين يسعون دائمًا لتحسين أنفسهم وتطوير قدراتهم ومعرفتهم، ويحرصون على تعزيز علاقتهم بالله وتحقيق السعادة والرضا في الدنيا والآخرة. ولذلك، فإن تعلم القرآن وتطبيق تعاليمه يعتبر من الأمور الهامة التي يجب على الأفراد العمل عليها في حياتهم، فإن عبارة "أهل القرآن هم أهل الله وخاصته" تعبر عن المحبة والرحمة التي يمنحها الله لأولئك الذين يعملون بتعاليمه ويتدبرونه، وعن الفضل الذي يحصلون عليه في الدنيا والآخرة. ولذلك، يجب علينا جميعًا السعي لتعلم القرآن وتدبره، والعمل بتعاليمه في حياتنا اليومية، والنشر منه وتعليمه للآخرين، والسعي لأن نصبح من أهله ومحبوبي الله سبحانه وتعالى.